آفة تُفتت مجتماعاتنا

4 آب 2021

ابتليت الأمة الإسلامية بمرض خطير، شره كبير وخيره معدوم، باطله أكبر من حقه، ويقع لغير وجه الله، الا وهو العنف الأسري الذي يأخذ أشكالا شتى مثل قتل الأبِ لابنه أو ابنته والأخ لأخته والأم لولدها أو ابنتها دون رأفة ولا رحمة ولا شفقة، تحت ذرائع عدة عادة ما تنسب إلى الدين أو الله واللهُ بريء منها.

هذا النوع البغيض من العنف الأسري ليس فقط يعادي فطرة الأب والأم اللذان خلقهما الله لكي يحافظا على فلذات أكبادهما ويضحيا بحياتهما من أجلهم، بل صار هذا العنف المرتكب باسم الدين سببا وعاملا رئيسيا في ترك المؤمنين لدينهم والخروج منه أفواجا. فما علينا إلا أن ننظر إلى الإحصاءات لكي ندرك خطر ازدياد هذه الآفة الإجتماعية المتفشية في دولنا الإسلامية والتي تعمل على تسريع انهيارها من الداخل، فلله الأمر من قبل ومن بعد.
وفقا للإحصائيات التي أجرتها الأهرام المصرية في عام 2020 فقد سجلت مصر 78 جريمة أسرية بالقاهرة فقط، راح ضحيتها نحو 861 فردا، و16 جريمة في العراق، وازداد القتل الأسري في المملكة الأردنية بنسبة 33 بالمائة خلال العام نفسه.

ومن الجرائم ا لتي اقترفها بعض الآباء ضد فلذات أكبادهم وراحت بدون عقاب جريمة قتل أب لأبنته في الحسكة في بداية هذا العام بعد أن تعرضت الإبنة إلى الاغتصاب الجنسي، واخرى وقعت في مصر بنفس العام حيث قام الوالد بقتل ابنته بسيخ حديدي تحت ذريعة الشرف، والتي يراها المجتمع للأسف كفعلٍ لغسل العار وليست كجريمة نكراء.

لا يختلف اثنان على أن الإسلام قد حرم قتل النفس بغير حق وجعله من أعظم الجرائم وأكبر الكبائر لأن الله عز وجل قال في كتابه العزيز: «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا».
كل مؤمن يدرك يقينا أن عصمة النفس الإنسانية في الإسلام وحفظها هي من الضروريات الخمس الواجب رعايتها وصيانتها. والأصول اليقينية في الشريعة الغراء تؤكد أنه حتى ولو ثبتت جريمة الزنى على غير المحصن – ذكراً كان أم أنثى – فلا يُحَد بالقتل، بل من يفعل ذلك فقد وقع في جريمة إزهاق النفس المحرمة.
لا شك أن الأدلة محررة وبينة والأقوال مقررة وأن الجرائم الأسرية ليست إلا جرائم فيها ما فيها من أحكام شرعية ويجب أن تتوقف حالا وأن يعاد ترتيب الأوراق في الأنظمة التي تسمح بها أو تغض عنها الأنظار. فبأي حق يأخذ الأب أو الإبن منه لكي يقترف مثل تلك الجرائم البشعة ضد ذويهم وذراريهم، وكيف يكون الشرف في قتل النفس البشرية؟ والسؤال الذي يطرح نفسه هو متى سيكون مجتمعنا جاهزا للوقوف بحزم ضد هذه الآفة التي تفشت بين أهالينا وذرارينا وفلذات أكبادنا؟ والله المستعان.

شارك!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *