المحسوبية الجهادية: الفساد المالي ينخر قاعدة باطرفي

كشف تحقيق استقصائي أن الفساد المالي وسوء الإدارة في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بقيادة خالد باطرفي قد تسببا بعدد من الانشقاقات والفتن داخل التنظيم. ويهدد التوتر الداخلي الذي أججته خلافات حول الأمور المالية بشق التنظيم، خاصة بعد أن انتقد أبو عمر النهدي علناً خالد باطرفي وتوقع أن يذهب التنظيم إلى الزوال تحت إمرته. وقدم أحد العناصر المنشقة عن التنظيم، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أدلة على ذلك. وتأكدنا من صحتها ومطابقتها مع مصادر أخرى في تحقيق استمر اكثر من عام ونصف.

اعتاد عدد من أعضاء تنظيم القاعدة في اليمن، بينهم أبناء قياديين كبار، باختلاس أموال التنظيم لسنوات عديدة واستغلالها في البذخ على مصاريفهم الشخصية. وكان العناصر المفضلون داخل التنظيم أبناء صالح عبولان ولطفي اليزيدي وابن أمير المالية في التنظيم عباس حمدان يستخدمون الواسطة وهذه الأموال في شراء عقارات وفتح استثمارات خاصة تحت غطاء استخدامها لتقديم الدعم المالي للتنظيم وسنعرض تفاصيل عن العناصر هؤلاء لاحقاً.

وبعد أن كان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب أحد أهم فروع تنظيم القاعدة الأم، أصبح اليوم خيالا باهتا لما كان عليه. في عام 2016، نشرت وكالة (رويترز) للأنباء تقريرا قالت فيه إن خزينة التنظيم في أوج قوته تحت قيادة قاسم الريمي كانت تحتوي على ما لايقل عن 100 مليون دولار. لكن اليوم، بعد تسنم خالد باطرفي القيادة، أصبح التنظيم يعاني من أسوأ ضائقة مالية مرت بتاريخه. وقد اكتشفنا تفاصيل خاصة عن الموضوع تشير إلى الفساد المالي الذي أصبح ينخر في صفوف التنظيم في السنوات القليلة الماضية تحت إمرة المسؤول المالي للتنظيم، عباس حمدان.

صورة رقم (1): عندما كان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في أوج سطوته وثروته.

أظهرت البيانات المصرفية التي اطلعنا عليها وعقد تسجيل إحدى الشركات ووثائق شراء عدد من العقارات أن العناصر الأربعة قد أنفقوا ما لا يقل عن 12,073,500 ريال يمني (ما يعادل 448,294 دولار أمريكي) على استثمارات خاصة ومصاريف كمالية باذخة. قمنا بإخفاء المعلومات الشخصية للأشخاص الذين أجروا تعاملات مالية مع العناصر الأربعة لأنهم على الأغلب لم يكونوا على علم بارتباطاتهم. وقمنا بنفس الإجراءات فيما يخص المصارف وشركات العقارات لكي لا تتأثر سمعتهم بشكل سلبي وتأكدنا من خلال مصدر ميداني ان اصحاب العقارات ليس لهم صلة بالتنظيم وأن الخطوات التي اتخذناها كافية لضمان سلامتهم.

ويتم الكشف عن هذا الفساد المالي في ظل استمرار سياسة خالد باطرفي في إعطاء الأولية لدعم الهجمات على اطقم القوات الجنوبية وصرف الأموال في هذا الاتجاه بدلاً من دفع الرواتب وتكفل الإلتزامات تجاه الارامل والمصابيين بالشكل المطلوب. ولكن، تراجع اداء اللجنة الإعلامية، خصوصاً بعد مقتل الشيخ حمد التميمي، لا يوظف تلك الهجمات بشكل محترف يدعم التنظيم باستقطاب العناصر او الداعميين من الخليج.

ولاستكمال التحقيق الاستقصائي، قمنا أيضا باستشارة خبراء ومراقبين لتحليل تبعات هذا الفساد المالي على مستقبل تنظيم القاعدة الأم تحت قيادة سيف العدل. وكان العنصر المنشق عن التنظيم الذي تم ذكره سابقا، والذي فقدنا الاتصال معه منذ أكثر من سنة، هو أيضا المصدر الذي وفر لنا رسالة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي للتعاون مع تركيا مقابل توفير الدعم المادي للتنظيم.

ولتأكيد الشفافية التامة، لم نقم بدفع أي أموال للحصول على المعلومات الواردة في هذا التقرير. لكن، قمنا بإعطاء العنصر المنشق عن التنظيم مبلغا من المال لمساعدته في ترتيب وضعه الجديد.

مشروع توريث قاعدة اليمن

صورة رقم (2) سليمان عبولان، وكنيته أحمد البقية. وهو ابن صالح عبولان.
صورة رقم (3) عبولان وعاشور عبيدون يتمتعان برحلة غوص.

بعد تسنم خالد باطرفي قيادة التنظيم، شهد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب زيادة متسارعة في عدد الخسائر بين صفوف القياديين وهو ما أثار تساؤلات بين الكوادر. ادعى باطرفي أن 1600 عنصر من عناصر التنظيم قتلوا منذ تنصيبه أميرا للتنظيم. ونتيجة لذلك، فقد القياديون الكبار في التنظيم الثقة فيما بينهم، وأصبحوا يتشبهون بالطغاة العرب الذين يدّعي أولائك القياديون أنهم يحاربونهم، وبدأوا بتوريث أبناءهم السلطة داخل التنظيم!

أحد الأمثلة الصارخة على ذلك ما فعله سليمان صالح سالم عبولان، المكنى أحمد جمعان عبدالله البقية. فاستنادا إلى تقرير نشرته الحكومة اليمنية في شهر مارس 2021، سلّم الحوثيون البقية وثلاثة من شركاءه جوازات سفر وشهادات جامعية مزورة لتسهيل سفرهم وتسهيل إجراءات التقديم على فرص الاستثمار.

كانوا متأكدين أنهم وجدوا طريقة للاحتيال على مجلس الشورى واستخدام أموال التنظيم في تمويل الاستثمارات.

مصدر منشق عن التنظيم

برغم أن مصدرنا المنشق عن التنظيم قال إنه ليس متأكداً من دقة المعلومات التي تحدثت عن تورط جماعة الحوثي في الموضوع، لكنه أكد أن عبولان والثلاثة الآخرين أقنعوا قياديي التنظيم أنهم مؤهلون لاستثمار الأموال نيابة عن التنظيم. وبدل استثمار الأموال، خططت المجموعة لسرقة الأموال واستغلالها في الخروج من اليمن. وقال العنصر المنشق عن التنظيم “كانوا متأكدين أنهم وجدوا طريقة للاحتيال على مجلس الشورى واستخدام أموال التنظيم في تمويل الاستثمارات”.

صورة رقم (4) تقرير مأخوذ من أليزابث كندال يذكر الأسماء الحقيقية والكنى المستخدمة.

بعد صدور تقرير الحكومة اليمنية، نشرت وكالة أنباء محلية يمنية صورا تؤكد أن البقية حصل على جواز سفر مزور وشهادة جامعية مزورة. وذكرت نفس الوكالة أن السلطات اليمنية اعتقلت البقية وربما العناصر الآخرين بعد أن حامت حولهم شبهات بفساد مالي. قمنا بالتأكد من صحة صدور هذه الوثائق المزورة، واستطعنا العثور على مصدر استطاع العثور على شهادات أخرى مطابقة للشهادات التي تم نشرها على الإنترنت سابقا في السجل اليمني.

صورة رقم (5) شهادة جامعية زُعِمَ أن جماعة الحوثي قامت بتزويرها.


صورة رقم (6) نظرة مقربة على الختم تظهر أنها شهادة حقيقية.


صورة رقم (7) شهادة جامعية لعاشور.
شهادات مزورة

بعد عدة أشهر، أدرجت الحكومة الإماراتية أسماء العناصر المذكورة في قائمة الإرهابيين. خلال الأشهر اللاحقة، نشرت الصحفية نهاد الجريري صورهم، وهو ما أكد صحة الصور التي وفرها مصدرنا المنشق.

صورة رقم (8) صورة عبولان. المصدر: المرصد.



صورة رقم (9) صور العناصر الآخرين. المصدر: المرصد.

غزل البنات وبدلات غوص باتمان: عطلة جهادية مدفوعة المصاريف

صورة رقم (10) عاشور وعبدالله بن هامل في رحلة غوص.
صورة رقم (11) عاشور مع إبن لطفي اليزيدي.

استمر القياديون بإخباري أنه لم يكن هناك أموالا كافية وأن الوضع كان كارثيا. لكنني كنت أعرف أنهم يكذبون، لأنهم سمحوا لعاشور وابن عبولان باستثمار أموال التنظيم والسفر برفاهية كبيرة

مصدر منشق عن التنظيم

منذ عام 2019 على الأقل، كان الأربعة يستخدمون جوازات سفر أصدرها لهم الحوثيون للسفر وفتح استثمارات خارجية. وعُرف عن العناصر الأربعة أنهم كانوا يقترحون طرقا غريبة جدا لصرف أموال التنظيم، تتضمن بعثرة مبالغ ضخمة لتمويل جولات ترويحية ورحلات للغوص. وقال المصدر المنشق عن التنظيم “بعد أن أخبروني قصصا عن رحلاتهم، بدأت أشك أن هناك سوء إدارة لأموال التنظيم”. وأوضح العنصر المنشق أنه حصل على تلك المعلومات بحجة السؤال لمعرفة آخر المستجدات من العناصر الأربعة. وأضاف المصدر “عندما أصبت بكورونا، شعرت بالإهانة وأنا أتنقل من مستشفى لآخر باحثا عن علاج، ولم أستطع توفير مصاريف لذلك”، مؤكدا “استمر القياديون بإخباري أنه لم يكن هناك أموالا كافية وأن الوضع كان كارثيا. لكنني كنت أعرف أنهم يكذبون، لأنهم سمحوا لعاشور وابن عبولان باستثمار أموال التنظيم والسفر برفاهية كبيرة”.

بعد دراسة الموقف، قررنا عدم الإفصاح عن وجهة سفر العناصر المذكورة. وأكد مصدرنا أن الرجال المذكورين لم يعودوا عناصر تنظيمية حقيقية منذ عام 2019، وأنهم كانوا “فسدة يمارسون الاحتيال وطرقهم لا تختلف عن موظف أو مسؤول حكومي فاسد”. وأضاف المصدر “أقنعوا قياديي تنظيم القاعدة أن سفراتهم واستثماراتهم أتت لتقديم الدعم للتنظيم. لكن في الواقع كانوا يسرقون الأموال بطريقة لا تختلف عن تلك التي استخدمها المصريون الذين سافروا إلى سوريا وسرقوا أموال تنظيم داعش”.

صورة رقم (12) مستمتعون بالرحلة.

أما الجنود في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب فيعيشون واقعا مزريا، ولم يستلم كثير منهم رواتبهم من التنظيم. فلذلك، ليس هناك أي مبرر لصرف العناصر المذكورة تلك المبالغ الضخمة للاستمتاع بحياتهم، في الوقت الذي تستجدي فيه أرامل مقاتلي التنظيم وأيتامهم المعونة

باحث في الشؤون الجهادية

برغم أن العناصر المذكورة كانوا أعضاء في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بشكل صوري، كانوا يمضون أغلب أوقاتهم بالاستمتاع بإجازات ترويحية داخل اليمن وخارجه. رأى أحد الباحثين في الشؤون الجهادية الذين اطلعوا على المعلومات أنه “في حين أن تنظيم داعش استعان في عمليات التجنيد صورا تظهر عناصره وهم يستمتعون بحياتهم، لكن على الأقل كان لدى التنظيم عامل التمكين وكان بإمكانهم في وقت ما الادعاء أنهم انتصروا”. وأضاف “أما الجنود في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب فيعيشون واقعا مزريا، ولم يستلم كثير منهم رواتبهم من التنظيم. فلذلك، ليس هناك أي مبرر لصرف العناصر المذكورة تلك المبالغ الضخمة للاستمتاع بحياتهم، في الوقت الذي تستجدي فيه أرامل مقاتلي التنظيم وأيتامهم المعونة”.

صورة رقم (13) عاشور وأحد شركاءه يستمتعون بتناول جوز الهند على أحد الشواطئ.

شراء العقارات في اليمن وفي الخارج

قررنا نشر هذا التحقيق بعد التأكد من صحة الوثائق المالية ومستندات التحويلات التي قدمها المصدر. ووظفنا مصدرا ميدانيا أيضا للتأكد من صحة بعض المعلومات وتصوير إحدى العقارات في اليمن بالفيديو. كان أحد أكثر القرارات التي اتخذها عاشور ومجموعته جرأة شراء شقة بمبلغ 28.2 مليون ريال يمني (ما يعادل 113 ألف دولار أمريكي). وحصل عاشور على المبلغ الضخم تحت غطاء الاستثمار. لكنه عوضا عن ذلك اشترى الشقة وسجلها باسمه، على الأغلب لكي يستخدمها في المستقبل بعد توقفه عن العمل وترك التنظيم والهروب من اليمن. ونقدم إصال لبعض المصاريف التي بلغت اكثر من 40 الف دولار.

صورة رقم (14) مستند عقاري لجزء من الملبغ وهو 43 الف دولار.


صورة رقم (15) نسخة عقد.

أوضح مصدرنا المنشق عن التنظيم أنه كان على عِلم بمعلومات سرية تتعلق بمصاريف العناصر المذكورة، وقدم لنا بيانات مصرفية ومستندات تحويلات مالية قمنا بتأكيدها من جانبنا عبر الإنترنت وعبر الاتصال بالمؤسسات المعنية.


صورة رقم (16) بيان مصرفي.

وفر مصدرنا صورا تُثبت أن العناصر اشتروا العقار واستخدموه لغرض المتعة والترفيه عن أنفسهم.

صورة رقم (17) العناصر وهم يستمتعون بمسبح المنتجع السياحي.

كانت شركة الاستيراد والتصدير التي أطلق عليها اسم (أبراج سواعد الخير) أحد المشاريع التجارية التي أسسها المذكورون. وأوضح مصدرنا أن المذكورين رفضوا تقديم أي تفاصيل عن كيفية توفير الشركة المذكورة للأرباح أو عن سبب تخصيص مبلغ 100 ألف دولار كرأس مال للشركة، في حين أن عاشور لم يكن لديه أي خبرة في إدارة الأعمال. وبعد الإلحاح، أرسل عاشور لمصدرنا مقترحا لشعار الشركة ونسخة من عقد تسجيل الشركة.

صورة رقم (18) شعار الشركة.

قمنا أيضا بالتأكد من صحة عقد الشركة عن طريق مصدر آخر مستقل استطاع العثور على معلومات التسجيل في أرشيف البيانات على الإنترنت.

صورة رقم (19) وثيقة تابعة للشركة.
صورة رقم (20) قائمة بالأسماء الكاملة للشركاء.

بالإضافة إلى الشقة الفاخرة والشركة، اشترى عاشور عدداً كبيرا من قطع الأرض والعقارات داخل اليمن. صحيح أن شراء العقارات أمر معمول به، كما قال مصدرنا، لكن أصر عاشور على شراء عقارات يستفيد منها هو أو شركائه. ولكي نتأكد من كلام المصدر، استطعنا العثور على مصدر آخر وافق على الاطلاع على بيانات العقارات في اليمن والتأكد من المعلومات، بالإضافة إلى تصوير عدد من قطع الأرض التي تم شراؤها بالفيديو.

صورة رقم (21) عقد إيجار.
صورة رقم (22) عقد بيع.
صورة رقم (23) قائمة مصاريف البناء فوق قطعة أرض.
فيديو لأحد الأراضي من المصدر

عباس حمدان وسوء الإدارة

عباس حمدان لا يختلف عن المسؤولين الحكوميين الذين يبررون استلام الرشاوى واستخدام الواسطة لمساعدة أبناءهم. حتى أنه دفع مصاريف سفر ابنه للاستمتاع والذهاب في رحلات غوص

مصدر منشق عن التنظيم

في بداية الأمر، استطاعت المجموعة المذكورة الإفلات من المحاسبة. لكن، أبدى عدد من قياديي تنظيم القاعدة في جزيرة العرب قلقاً لما سُمي بـإستثمارات لم تكن تدر أرباحا على التنظيم. بالإضافة إلى ذلك، كان بعض القادة يفضلون الاعتماد على رجال أعمال أثرياء اعتمد عليهم التنظيم خلال احتلاله للمكلا، بدل أن يؤدي العيش الرغيد والاستمتاع بحياة الرفاهية عند العناصر إلى إنكارهم لمبادئ التنظيم.

بالمقابل، استمر أمير المالية في التنظيم، عباس حمدان، بتجاهل هذا القلق. وقال المصدر المنشق عن التنظيم “أقنع حمدان القياديين الكبار أنه أهلٌ لإدارة الأمور المالية لأنه كان عضوا في مجلس محلي في منطقة الشحر سابقا”. وأضاف المصدر “كان لحمدان بعض الخبرة، لكنه كان يبحث عن مصلحة ابنه. ودعم حمدان ما كانوا يسمونه استثمارا، في وقت كان فيه التنظيم غير قادر على دفع المعونة للأرامل. عباس حمدان لا يختلف عن المسؤولين الحكوميين الذين يبررون استلام الرشاوى واستخدام الواسطة لمساعدة أبناءهم. حتى أنه دفع مصاريف سفر ابنه للاستمتاع والذهاب في رحلات غوص”.

صورة رقم (24) صورة لعباس حمدان مأخوذة من فيسبوك.
صورة رقم (25) أبناء عباس حمدان ولطفي اليزيدي وصالح عبولان يستمتعون برحلات الغوص خلال الإجازة.

السياسة الشرعية عند باطرفي وسيف العدل: أنا وابن عمي على الغريب

سلطت مصادرنا الضوء على عدد كبير من الشكوك حول ولاءات عباس حمدان وإدارته للأمور المالية في التنظيم. في شهر يناير 2011، نشرت (وكالة سبأ للانباء) خبرا مفاده أن محكمة يمنية أصدرت حكما بالسجن 8 سنوات على حمدان. لكنه لم يسجن، وعاد سريعا إلى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. وفي تقرير نشرته صحيفة (عكاظ) السعودية في شهر يوليو 2022، زعمت الصحيفة أن ممثلين عن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب التقوا بعناصر من جماعة الحوثي ومسؤولين إيرانيين لبحث موضوع دفع مبالغ مالية مقابل أن يقوم التنظيم باستهداف أعداء جماعة الحوثي وتغليب المصالح الإيرانية. هذا يثير الشك حول انتمائات حمدان ولو له دور في إقناع باطرفي والقيادة العامة بقبول التعاون مع الحوثي لتعويض الملايين التي اُهدرت بسبب استثماراته الفاشلة والفساد المالي.

إن كان هذا الخبر صحيحا، سيتأكد لنا أن إدارة حمدان السيئة أفرغت خزينة التنظيم من الأموال وأجبرته على الرجوع إلى الحوثيين والإيرانيين وعمليات الاختطاف بسبب الحاجة المادية. وهذا ما يوضح سبب انخفاض عدد العمليات التي يقوم بها تنظيم القاعدة ضد جماعة الحوثي. وبالرغم من أن الاعلام في المنطقة أكد هذه التحليلات منذ وقت طويل، لكن عناصر التنظيم، حتى المنشقون منهم، يشككون بهذه التحليلات ويشيرون إلى العمليات التي يقوم بها التنظيم بين فترة وأخرى دليلا على عدم صحتها.

لكن، استنادا إلى ما قاله مصدرنا المنشق عن التنظيم، قدّم باطرفي ومناصروه نظريات شرعية تقول إن السياسة الشرعية تحضّ على التعامل مع جماعة الحوثي والإيرانيين من أجل درء الخطر الأكبر الذي تمثله القوات الحكومية اليمنية المدعومة بدول الخليج والدول الغربية وخصوصا الشيطان الأكبر المشترك بينهم أمريكا. واستنادا إلى ما قاله مصدر آخر خبير بشؤون تنظيم القاعدة، أطلع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب فروع التنظيم الأخرى في سوريا وربما في مناطق أخرى بمصالحته التكتيكية مع جماعة الحوثي. وبرر باطرفي هذا الأمر بالقول إن جماعة الحوثي وإيران هم أعداء للولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها في الخليج. وهو نفس المبرر الذي ساقه سيف العدل بعد 2015 عندما رفض الخروج من إيران.

لاستكمال تقريرنا هذا، طلبنا من أحد المصادر السلفية الاطلاع على الوثائق والمزاعم المذكورة. وطلب مصدرنا عدم ذكر اسمه خوفا من الانتقام. وقال “أعتقد أنه لم يكن هناك مفرا من هذا النوع من الفساد المالي تحت إمرة باطرفي. كنا نعلم منذ زمن طويل أن تنظيم داعش يقوم بهذه الأفعال المشينة. لكن بدأ تنظيم القاعدة بالأفول منذ فترة لانه يرفض القيام بالتغييرات الضرورية”. ويشير المصدر هنا إلى بيان مثير للجدل أصدره أبو ماريا القحطاني مؤخرا يدعو فيه إلى حل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. صحيح أن المراقبين ملمون بأسلوب القحطاني الغير تقليدي، لكنه في هذه الحالة قد يجاري وجهة نظر الشيخ أبو قتادة الفلسطيني الذي طالما دعى في مجالس خاصة تنظيم القاعدة إلى الاقتداء بهيئة تحرير الشام كضرورة للبقاء.

ربما تكون الخطوة الوحيدة إلى الأمام الآن هي تغيير القيادة في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب واستقالة سيف العدل وكل العناصر الموجودة في إيران، ثم تسلم أحد العناصر من الجزيرة قيادة التنظيم وبعضهم بالفعل في خراسان

جهادي سابق

وقال جهادي فلسطيني سابق شاهد ظهور تنظيم داعش “لا أعتقد أن تنظيم القاعدة يستطيع التعامل مع الكوارث المتتالية لأنة فقد بوصلته منذ أن عادت العناصر المصرية في التنظيم إلى الإمساك بزمام الأمور”. وأضاف “كل المؤشرات تدل على أن تنظيم القاعدة ميت سريريا منذ شهر أغسطس 2022. لم يفهم سيف العدل أنه لن يستطيع تسلم قيادة التنظيم بعد تبعات انشقاق الجولاني المدوّية. يعاني التنظيم اليوم من فراغ في القيادة، وهو معرّض للتلاعب به، وينفذ العمليات مقابل المال. ربما تكون الخطوة الوحيدة إلى الأمام الآن هي تغيير القيادة في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب واستقالة سيف العدل وكل العناصر الموجودة في إيران، ثم تسلم أحد العناصر من الجزيرة قيادة التنظيم وبعضهم بالفعل في خراسان.”

أما بالنسبة إلى المصدر المنشق عن التنظيم، فقد قال “لم أكن أريد أن أصدق أن الفساد المالي يمكن أن يحدث. لكنني كنت مخطأ. تطلب الأمر أن أكون على شفى حفرة من الموت لكي أفهم التبعات الخطيرة لما كان يحدث. عندما أنشق النهدي وبعده سند الوحيشي، كنت واحدا من الذين تجاهلوهم وحتى عارضوهم من خلال الإعلام. كانوا على حق في وقفتهم ضد الظالم باطرفي. وقد دفعت ثمن ذلك”.

 

شارك!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *